عقد المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، بالمشاركة مع السفارة الفنلندية في القاهرة، ندوةً مشتركةً حول “تطورات الأزمة الليبية في مرحلة ما بعد مؤتمر برلين”. شارك في النقاش من الجانب الفنلندي السفيرة “لورا كانسيكاس” سفيرة فنلندا لدى القاهرة، ووفد من الدبلوماسيين والخبراء الفنلنديين. وشارك من المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية “د. خالد عكاشة” المدير العام للمركز، واللواء “محمد إبراهيم” عضو الهيئة الاستشارية، وخبراء برنامج الأمن والدفاع بالمركز “د. خالد حنفي”، “أ. أحمد عليبه”، وعدد من شباب الباحثين. استهل “د. خالد عكاشة” -مدير المركز المصري- حلقة النقاش بالترحيب بالضيوف الفنلنديين، والتعريف بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، كما عرض لأهم القضايا والملفات محل…
عقد المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، بالمشاركة مع السفارة الفنلندية في القاهرة، ندوةً مشتركةً حول “تطورات الأزمة الليبية في مرحلة ما بعد مؤتمر برلين“. شارك في النقاش من الجانب الفنلندي السفيرة “لورا كانسيكاس” سفيرة فنلندا لدى القاهرة، ووفد من الدبلوماسيين والخبراء الفنلنديين. وشارك من المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية “د. خالد عكاشة” المدير العام للمركز، واللواء “محمد إبراهيم” عضو الهيئة الاستشارية، وخبراء برنامج الأمن والدفاع بالمركز “د. خالد حنفي”، “أ. أحمد عليبه”، وعدد من شباب الباحثين.

استهل “د. خالد عكاشة” -مدير المركز المصري- حلقة النقاش بالترحيب بالضيوف الفنلنديين، والتعريف بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، كما عرض لأهم القضايا والملفات محل الاهتمام من جانب المركز، خاصة القضايا والملفات ذات الصلة بدوائر الاهتمام المصري، وعلى رأسها: ملف الإرهاب والجماعات المسلحة، وقضية الصراع العربي الإسرائيلي، وقضايا الصراعات والأمن الإقليمي، فضلًا عن قضايا دول الساحل والصحراء.
وأكد “د. عكاشة” أولويةَ الاهتمام بالملف الليبي، نظرًا لأهميته للأمن القومي المصري. كما ثمّن دور فنلندا وجهودها تجاه مساعيها لمعرفة الرؤية المصرية تجاه الأزمة الليبية.

وأشار مدير المركز إلى تعقيدات المشهد الليبي؛ فعلى الرغم من أن مؤتمر برلين كان يُفترض أن يُشكّل نقطة تحول في الأزمة كمسار جديد للتسوية؛ إلا أن هناك مخاوف من تراجع فرص هذا المسار في ضوء العديد من المؤشرات اللاحقة، منها -على سبيل المثال- عدم التوصل إلى نتائج في الجولة الأولى للجنة العسكرية (5+5)، فضلًا عن التعقيدات الإضافية إثر التدخل العسكري التركي المباشر في ليبيا في أعقاب “مؤتمر برلين”، والدور الذي تلعبه تركيا في إشعال الأزمة، من خلال الجسر الجوي والبحري لنقل المرتزقة والقوات العسكرية التركية والمتطرفين والإمدادات العسكرية إلى طرابلس.
وتناول اللواء “محمد إبراهيم” -عضو الهيئة الاستشارية بالمركز- الموقفَ المصري من الأزمة الليبية، والذي ينبع من ثلاثة محدِّدات واضحة، هي: أن ليبيا دولة جوار، وأن القضية الليبية بالنسبة لمصر هي قضية أمن قومي، وأن مصر تعمل على تعزيز الأمن والاستقرار في ليبيا، ومن ثم فإنها تدعم الجيش الوطني الليبي باعتباره المؤسسة الضامنة لتحقيق هذا الهدف، والحفاظ على وحدة الدولة الليبية. كما تطرق اللواء “إبراهيم” للمسارات الثلاثة لمؤتمر برلين (الأمني، والسياسي، والاقتصادي)، حيث استضافت مصر لقاء خاصًّا بالمسار الاقتصادي جمع الأشقاء الليبيين برعاية الأمم المتحدة خلال الأسبوع الجاري.
كما أشار اللواء “إبراهيم” إلى أن التدخل الدولي المستمر في الأزمة الليبية يزيد من تعقيدها، واتفق مع “د. خالد عكاشة” على أن استمرار التدخل العسكري التركي ودعم أنقرة للميليشيات والجماعات المسلحة من شأنه أن يفاقم الأزمة، ويعرقل مسارات التسوية التي أقرها مؤتمر برلين، ويزيد من التوترات على الصعيد الميداني، مؤكدًا رفض مصر للتدخلات الخارجية في ليبيا. وخلُص إلى أن مؤتمر برلين يعتبر نقطة تحول في مسار الأزمة، لكنه ساهم فقط في احتوائها دون حلها بشكل نهائي. وأكد اللواء “إبراهيم” ضرورةَ اتخاذ إجراءات حازمة لوقف تدفق السلاح والمرتزقة إلى ليبيا.
وحول مسار تسوية الأزمة الليبية، ولماذا لم تتحول الهدنة إلى وقف دائم لإطلاق النار، أشار “د. خالد حنفي” إلى جملةٍ من الأسباب، منها: وجود معوّقات أمام تحويل الهدنة إلى وقف دائم لإطلاق النار، والخلاف في وجهات نظر الأطراف إزاء ملفات التسوية. موضحًا أن الأزمة الليبية تواجه ثلاث مشكلات أساسية، هي: الأمن، وكيفية توزيع الموارد بين الأطراف، بالإضافة إلى مشكلة المصالحة بين مكونات المجتمع الليبي. كما أكد أن مصر لعبت دورًا مهمًّا فيما يتعلق بحفظ الأمن في ليبيا، وذلك من خلال دعم الدولة الوطنية والمؤسسات، لا سيما المؤسسة العسكرية في ليبيا لمواجهة الميليشيات المسلحة.

فيما أشار “أ. أحمد عليبه” إلى أن التدخل العسكري التركي هو نسفٌ لمخرجات برلين، كما يهدف إلى تغيير موازين القوى على الساحة الليبية، ويعزز الفوضى الأمنية التي تشهدها البلاد منذ عام 2011، ما يصعب المهمة الخاصة باستعادة الأمن والاستقرار في البلاد بل يضاعف من مظاهر الفوضى وبما يشكل تهديدًا لن يقتصر على ليبيا وحدها، بل على المنطقة، وفي المقدمة منها دول الجوار. واتفق مع دكتور “خالد حنفي” على ضرورة تعزيز دور الجيش الليبي كضمانة للأمن في ليبيا، الأمر الذي يقتضي توفير الدعم من جانب المجتمع الدولي، خاصة من جانب القوى المعنية بالملف الليبي.

من جانبه، طرح الوفد الفنلندي تساؤلات حول التحديات التي تواجه الهدنة وعملية وقف إطلاق النار في ليبيا، وما الذي يمكن أن يفعله الاتحاد الأوروبي كمراقب لهذه الهدنة. وأشار إلى أن فنلندا تعلب دورًا في استقرار الشرق الأوسط، وأنها تُولِي اهتمامًا بالأزمة الليبية، كما أنها تلعب دورًا من خلال عضويتها في الاتحاد الأوروبي تدعم مسار برلين. وأكد الجانب الفنلندي كذلك على أهمية الحل السياسي كمسار لتسوية الأزمة الليبية، وأهمية تجنب الخيارات العسكرية.
كما أكد رفضَ التدخلات العسكرية والداعمة للجماعات والميليشيات المسلحة في ليبيا، خاصة أن التدخلات السلبية تعقد الأزمة. وأشار كذلك إلى أن الموقف الرسمي لفنلندا يقوم على دعم الاستقرار في ليبيا، والعمل على احترام حظر توريد السلاح لأطراف الأزمة، وأهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به منظمات المجتمع المدني في ليبيا، التي تعمل على مساعدة ودعم قوى المجتمع الليبي.

وفي ختام الحلقة النقاشية، ثمَّن الوفد الفنلندي دور مصر في تسوية عددٍ من الصراعات في المنطقة، بما في ذلك الأزمة الليبية.