المؤتمر الإقتصادى .. ملاحظات رئيسية

نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية

 لن أتطرق فى هذا المقال إلى طبيعة الموضوعات ذات الصفة التخصصية التى تمت مناقشتها خلال المؤتمر الإقتصادى الذى عقد فى العاصمة الإدارية خلال الفترة من 23 وحتى 25 أكتوبر الحالى تحت عنوان ( خارطة طريق لإقتصاد أكثر تنافسية ) حيث أننى أعتقد أن الحوارات التى دارت على مستوى السادة المسئولين الحكوميين والخبراء والنواب ورجال الأعمال منذ بداية المؤتمر وحتى إعلان التوصيات كانت شديدة الموضوعية وعبرت بصدق عن المشكلات التى تعوق تطور العملية الإقتصادية وطرحت الحلول المقترحة، ومن ثم فلا أجد أى مبرر لعرض أو تكرار ما تم بحثه فى المؤتمر مرة أخرى وأترك مهمة التحليل الإقتصادى لنتائج المؤتمر للسادة الخبراء…

اللواء محمد إبراهيم الدويري
نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية

 لن أتطرق فى هذا المقال إلى طبيعة الموضوعات ذات الصفة التخصصية التى تمت مناقشتها خلال المؤتمر الإقتصادى الذى عقد فى العاصمة الإدارية خلال الفترة من 23 وحتى 25 أكتوبر الحالى تحت عنوان ( خارطة طريق لإقتصاد أكثر تنافسية ) حيث أننى أعتقد أن الحوارات التى دارت على مستوى السادة المسئولين الحكوميين والخبراء والنواب ورجال الأعمال منذ بداية المؤتمر وحتى إعلان التوصيات كانت شديدة الموضوعية وعبرت بصدق عن المشكلات التى تعوق تطور العملية الإقتصادية وطرحت الحلول المقترحة، ومن ثم فلا أجد أى مبرر لعرض أو تكرار ما تم بحثه فى المؤتمر مرة أخرى وأترك مهمة التحليل الإقتصادى لنتائج المؤتمر للسادة الخبراء الإقتصاديين .

 ونظراً لأننى تشرفت بالمشاركة فى هذا المؤتمر الهام ثم تابعت جلساته حتى إختتام أعماله، فليسمح لى القارئ الكريم بأن أكتفى بتسجيل مجموعة من الملاحظات الرئسية التى أرى من وجهة نظرى أنها ذات أهمية  سواء لدى الخبراء أو المتابعين للمؤتمر ونتائجه أو للرأى العام المصرى بصفة عامة، وهى كلها ملاحظات منبثقة أساساً من الكلمات التى ألقاها السيد / الرئيس عبد الفتاح السيسى وكذا من المناخ العام للمؤتمر والنقاشات التى دارت خلال الجلسات والتوصيات التى تم إعلانها.

 من المهم أن أبدأ بالكلمات شديدة الأهمية التى ألقاها السيد / الرئيس سواء خلال الجلسة  الإفتتاحية أوفى الجلسة الختامية وهى كلمات وقفت عندها كثيراً لأنها جمعت فى طياتها جانباً هاماً من الأحداث التى مرت بها مصر منذ عام 2011 وكيف تم التعامل معها وكيف حققت مصر الإنجازات الماثلة أمامنا وطبيعة الجهد المضنى الذى تم بذله، ولم يكن بالأمر الجديد أن تتسم هذه الكلمات كما هى طبيعة السيد / الرئيس بالصدق والصراحة والمكاشفة والجرأة وعدم مجاملة أحد وإعطاء كل ذى حق حقه وقبل ذلك كله الشكر اللامحدود لله عز وجل .

 وقد وقفت عند العديد من الرسائل التى أرى أن السيد / الرئيس حرص على أن تصل واضحة إلى جميع المصريين على مختلف مستوياتهم سواء كانوا مسئولين أو خبراء أو رجال أعمال أو المواطنين البسطاء، وفى هذا المجال أرى أن أهم الرسائل التى أطلقها بوضوح السيد / الرئيس تمثلت فيما يلى : –

   الرسالة الأولى : أن الله عز وجل هو سبحانه من يحفظ مصر من كل سوءٍ وأن المعجزات التى تحققت خلال السنوات الأخيرة كانت بفضل الله وهذه هى القناعة التى يجب أن تكون راسخة لدى الجميع .

  الرسالة الثانية : أن الدولة المصرية بذلت جهوداً فائقة وغير مسبوقة إبتداء من عام 2014 وحتى الآن ونجحت فى أن تحتوى آثار السلبيات التى شهدتها البلاد منذ أحداث يناير 2011 وحتى عام 2013 والتى كان يمكن أن تعصف بحاضر ومستقبل أى دولة لولا العمل الدؤوب الذى بذلته القيادة السياسية ومنظومة عمل الدولة .

 الرسالة الثالثة : أن المواطن المصرى لايزال يمثل كلمة السر فى تقدم الدولة ونجاح سياسة الإصلاح الإقتصادى وتحمل بكل جلد وصلابة العديد من الأعباء، ولذلك فإن الدولة تبذل كل جهودها من أجل رفع مستوى معيشته قدر المستطاع، كما أن برامج الحماية الإجتماعية التى تغطى قطاعات كبيرة من الشعب وتستفيد منها الطبقات الفقيرة والأكثر إحتياجاً سوف يتم دعمها فى الفترة القربية المقبلة وبالتالى سوف يظل المواطن هو حجر الزاوية فى إستقرار الدولة المصرية .

 الرسالة الرابعة : أن سياسة القرارت الحاسمة التى إنتهجتها القيادة السياسية من أجل إقتحام وحل المشكلات الراهنة منذ توليها المسئولية سوف تتواصل فى المرحلة المقبلة حتى تصل مصر إلى المكانة التى تستحقها على المستويين الإقليمى والدولى، وأن المسئولية عن دولة بحجم مصر تفوق بكثير البحث عن رصيد شعبى يتم إستثماره فى غير موضعه .

الرسالة الخامسة : أن المنظومة الثلاثية للدولة ( القيادة – الحكومة – الشعب ) لابد أن تتكامل وتتضافر جهودها حيث لا يمكن لجانب واحد فى هذه المنظومة أن ينجح بمفرده .

 ومن ناحية أخرى هناك مجموعة من الملاحظات العامة التى تم إستخلاصها من سياق أعمال المؤتمر وجلساته أهمها مايلى :-

الملاحظة الأولى : أن السيد رئيس الوزراء والسادة الوزراء المختصين شاركوا فى جميع جلسات المؤتمر منذ اليوم الأول وطرح كل منهم سياسة وزارته وقاموا بالرد بشفافية على كافة الإستفسارات التى أثارها المشاركون فى المؤتمر فى إطار من الحوار الموضوعى الحضارى .

الملاحظة الثانية : أن المشاركين فى المؤتمر كان لديهم منذ اللحظة الأولى قدراً كبيراً من التفاؤل بأن هذا المؤتمر سوف يمثل نقلة نوعية لحل المشكلات التى تواجه الإقتصاد المصرى وبما يعود بالفائدة سواء على الدولة أوعلى إستثماراتهم .

الملاحظة الثالثة : أن الإنجازات التى تم عرضها بإستفاضة وحققتها الدولة خلال المرحلة السابقة تم دعمها بالأرقام والإحصائيات الحديثة حتى يسهل على كل من يرغب فى متابعتها .

الملاحظة الرابعة : أن رجال الأعمال طرحوا خلال جلسات المؤتمر كافة المشكلات التى تواجه كل من القطاع الخاص والإستثمار المحلى والأجنبى وتوطين الصناعة بصراحة تامة وقاموا بطرح وجهات نظرهم إزاء كيفية التغلب على هذه المشكلات فى ضوء خبراتهم وتعاملاتهم فى هذا المجال، وقد كان هناك قدراً من التوافق بين الحكومة ورجال الأعمال إزاء بعض الحلول المطلوبة بصفة عاجلة .

الملاحظة الخامسة : أن التوصيات التى تم بلورتها فى ختام المؤتمر عبرت بصورة واقعية عن العديد من المقترحات التى طرحها الخبراء خلال الجلسات، وقد تم التأكيد  على متابعة تنفيذ هذه التوصيات من خلال التوافق على عقد مؤتمر إقتصادى كل عام يكون من ضمن مهامه مراجعة مدى تنفيذ تلك التوصيات .

 وفى رأيى أن المؤتمر الإقتصادى بكافة مناقشاته وتوصياته ومستوى السادة المشاركين كان فى مجمله خطوة إيجابية تحتاجها الدولة فى هذا الوقت الذى يتعرض فيه الإقتصاد المصرى للعديد من التأثيرات إرتباطاً بالمشكلات التى لايزال يتعرض لها العالم وتحديداً جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية بالرغم من نجاح الدولة المصرية فى إحتواء آثار هذه المتغيرات إلى أقل حد ممكن، وكان من الضرورى الإستماع إلى آراء الإقتصاديين ورجال الأعمال والخبراء من أجل بلورة خريطة طريق متكاملة حيث أن الجميع فى قارب واحد لابد أن يصل إلى بر الأمان مهما كانت حجم التحديات التى لن تنتهى .

 ومن هنا فإن المطلوب خلال المرحلة المقبلة يتمثل فى رأيى فى ثلاث مطالب رئيسية وهى كمايلى : –

  المطلب الأول : أن قيام الدولة بوضع التوصيات التى تم التوصل إليها خلال المؤتمر موضع التنفيذ سوف يكون تأكيداً وإنعكاساً لجدية ومصداقية الدولة بل سيكون هو التحدى الأكبر أمام نجاح أى مؤتمر إقتصادى مقبل أو حتى نجاح الحوار الوطنى الذى دعا إليه السيد / الرئيس فى 26 إبريل 2022 والذى سوف يأخذ خلال جلساته فى المحور الإقتصادى نتائج هذا المؤتمر فى الإعتبار فى ضوء التكامل بين المؤتمر والحوار .

 المطلب الثانى : أن المواطن المصرى البسيط يجب أن يظل فى جوهر إهتمامات الدولة فى كل مرحلة من مراحل التنمية الإقتصادية التى تشهدها مصر ومن المهم أن تتواصل برامج الحماية الإجتماعية ويتم دعمها إلى أقصى حد ممكن وهذا هو قدر الدولة من جهة وحق المواطن من جهة أخرى .

 المطلب الثالث : أن هناك مسئولية كبيرة لازالت تقع على الإعلام المصرى فى أن ينقل إلى الرأى العام بصفة عامة والمواطن البسيط بصفة خاصة ليس فقط نتائج هذا المؤتمر بل وأى حدث سياسى أو إقتصادى أو عسكرى وكذا الإنجازات التى تمت والمشكلات الموجودة بصورة واضحة مبسطة يستوعبها الجميع حيث أن هذا المواطن الذى يقدم له السيد / الرئيس الشكر دائماً وفى كل محفل يعد عماد الدولة وحائط الصد الأول والرئيسى أمام أية محاولات للنيل من إستقرار البلاد .     

اللواء محمد إبراهيم الدويري
نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية

مقالات أخرى للكاتب