حياة كريمة والدولة المصرية القوية

نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية

تشرفت يوم الخامس عشر من شهر يوليو الجارى بالمشاركة حضوراً في إحتفالية المؤتمر الأول “لحياة كريمة” تحت رعاية وبتشريف رئيس الجمهورية السيد / الرئيس عبد الفتاح السيسى، وفى أعقاب متابعتى لكافة جوانب هذه الإحتفالية إبتداء بالشرح المستفيض الذى قدمه السيد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى ، وإنتهاء بالخطاب المتكامل والدقيق والرائع الذى ألقاه السيد / رئيس الجمهورية حاولت أن أبحث عن كلمات ملائمة لتقييم هذا الحدث الكبير ووجدت نفسى أصل إلى نتيجة واحدة وعن قناعة كاملة بأن الدولة المصرية قد تغيرت كثيراً إلى الأفضل وهى تسابق الزمن بالفعل وتتحرك بخطوات متسارعة على مسار التقدم والتنمية وإمتلاك مزيد من مقومات القوة…

اللواء محمد إبراهيم الدويري
نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية

تشرفت يوم الخامس عشر من شهر يوليو الجارى بالمشاركة حضوراً في إحتفالية المؤتمر الأول “لحياة كريمة” تحت رعاية وبتشريف رئيس الجمهورية السيد / الرئيس عبد الفتاح السيسى، وفى أعقاب متابعتى لكافة جوانب هذه الإحتفالية إبتداء بالشرح المستفيض الذى قدمه السيد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى ، وإنتهاء بالخطاب المتكامل والدقيق والرائع الذى ألقاه السيد / رئيس الجمهورية حاولت أن أبحث عن كلمات ملائمة لتقييم هذا الحدث الكبير ووجدت نفسى أصل إلى نتيجة واحدة وعن قناعة كاملة بأن الدولة المصرية قد تغيرت كثيراً إلى الأفضل وهى تسابق الزمن بالفعل وتتحرك بخطوات متسارعة على مسار التقدم والتنمية وإمتلاك مزيد من مقومات القوة الشاملة.

وقد وقفت كثيراً عند واحدٍ من أهم نتائج هذا المؤتمر وهو فى رأيى ما وضح بقوة من إعادة التأكيد على مدى تلاحم القيادة السياسية مع المواطن المصرى من خلال هذه الجموع الغفيرة والرمزية التى شاركت فى المؤتمر وأعلنت بكل وضوح وثبات وبأعلى صوتها تأييدها الكامل لسياسات السيد / الرئيس من منطلق قناعتها بأن كل الإنجازات التى تتحقق تصب فى مصلحتها ومن أجلها  ، ولعلى لن أكون مبالغاً عندما أؤكد أن هذا المؤتمر كان بمثابة إعادة التفويض الشعبى للسيد / الرئيس ليواصل سيادته حمل الأمانة والمسئولية وإستكمال طريق العمل الذى بدأه منذ أكثر من سبع سنوات بكل تفانى وإخلاص .

ولاشك أن مشروع “حياة كريمة” ذلك المشروع العملاق الذى أطلقته القيادة السياسية فى يناير عام 2019 وسوف يستمر العمل به حتى عام 2024 يعد مشروعاً غير مسبوقٍ ليس فقط على مستوى المنطقة بل على مستوى العالم وذلك بشهادات أهم المؤسسات الدولية التى تتبنى مبدأ التنمية المستدامة خاصة فيما يتعلق بإطلاق المشروع الوطنى الأعظم لتنمية وتطوير الريف المصرى الذى يهدف إلى تحسين مستوى معيشة حوالى 60 مليون مواطن بموازنة تزيد عن 700 مليار جنيه ، أى أن هذا المشروع المتكامل الجارى العمل به سوف يخدم أكثر من نصف سكان مصر .

وبدون الدخول فى تفصيلات هذا المشروع العملاق الذى اصبح خلية عمل دائمة لا تهدأ ، فإنى أود أن أركز على عشر نقاط هامة يجب ألا نغفلها ونحن نتحدث ليس فقط عن المشروع وإنما عن الجمهورية الجديدة وهذه النقاط كما يلى : –

النقطة الأولى : أن مفتاح النجاح فى أى إنجاز يتحقق يرتبط بمعادلة واضحة تنفذها الدولة بكفاءة تامة وهى معادلة تتمثل فى المزج بين الإرادة السياسية الصلبة والإدارة الوطنية الواعية .

النقطة الثانية : أن إعلاء كرامة المواطن المصرى وإنتشاله من مستويات معيشة ليست على أى مستوى مقبول وإنهاء حالة الفقر والعوز للأسر المحتاجة تمثل الأهمية الأكبر للقيادة السياسية حتى يشعر المواطن بإنسانيته ويندمج فى عجلة العمل والحياة برضاء وقناعة ، وهو الأمر الذى يؤكد أن لدينا رئيساً إنساناً يعرف تماماً قيمة الكرامة والإنسانية .

النقطة الثالثة: أن المواطن المصرى أصبح قريباً للغاية من قيادته السياسية ووصل إلى مرحلة القناعة بأن السياسات التى تتبعها الدولة هى فى صالحه رغم تحمله العديد من الأعباء ، ولكن أصبح لديه أمل فى المستقبل نظراً لأن الإنجازات أضحت واقعاً ماثلاً أمامه.

النقطة الرابعة: أن هناك منظومة عمل قائمة متكاملة بشكل لم يحدث من قبل تؤدى المهام المكلفة بها بطريقة علمية وعملية وتسابق الزمن ، ويكفى أن نقول أن قائد هذه المنظومة هو السيد / الرئيس بنفسه .

النقطة الخامسة: أن بناء الإنسان المصرى يعد هو الغاية والهدف من جراء كل هذا الجهد ، فلا يمكن للدولة أن تتقدم إلا إذا إنصب عملها من أجل رفعة شأن مواطنيها وهو ما يحدث الآن  .

النقطة السادسة : أن قناعة القيادة السياسية تتمثل فى أن الشباب هم عماد هذه الأمة فى حاضرها ومستقبلها قولاً وعملاً ، وهنا لابد من الإشارة إلى أن هذه المشروعات يقوم بتنفيذها والإشراف عليها قطاع من الشباب المصرى الوطنى .

النقطة السابعة : أن إعادة رسم خريطة مصر أصبحت أمراً ضرورياً فى إطار السياسة التنموية التى تتم حالياً حيث أننا نلاحظ أن كافة المشروعات تسير بشكل متوازى من ناحية وتغطى كافة ربوع مصر دون إسثناء من ناحية أخرى .

النقطة الثامنة : أن المجتمع المدنى أصبح له دور هام فى المشاركة الفعالة فى عملية البناء والتنمية والتعمير فى إطار هذه المشروعات ،  ومن ثم فإن علينا تثمين هذا الدور الوطنى وتدعيمه ودون أن نغفل بالطبع الدور الإيجابى الذى يقوم به رجال الأعمال .

النقطة التاسعة : أن الناتج من هذا العمل الشاق والذى يؤتى ثماره تدريجياً يتمثل فى أن مصر سوف تصبح دولة أقوى من ذى قبل فى كافة المجالات تعلى قيمة المواطنة وتنعم بالأمن والإستقرار .

النقطة العاشرة : أن هناك مسئولية مباشرة تقع على المواطن المصرى فإذا كان المواطن هو الهدف الأسمى من عملية البناء والتنمية فإن دوره يجب أن يكون إيجابياً فى المشاركة والحفاظ على أى مكتسب يتحقق .

وبالتالى فإنى لا يمكن أن أنظر إلى مشروع حياة كريمة من منطلق أنه مشروع عملاق فقط له بالطبع فوائده عظيمة ، ولكنى أنظر إلى هذا المشروع  فى إطار أشمل حيث أنه جزء لا يتجزأ من عملية إعادة بناء الدولة المصرية على أسس قوية قوامها الرئيسى الإنسان المصرى ، ومن ثم فإن هذا البناء الداخلى القوى لابد أن يعكس نفسه على البناء الخارجى بمعنى أن قوة الدولة إقليمياً ودولياً لا يمكن أن تأتى من فراغ وإنما تنمو وتتعاظم كلما كانت السياسات الداخلية راسخة تحقق مصالح المواطن الذى يكون فى هذه الحالة أهبة الإستعداد لبذل كل التضحيات فى سبيل رفعة بلاده .

ومن ناحية أخرى كان السيد / الرئيس حريصاً على إستثمار هذا المؤتمر الكبير فى أن يوجه العديد من الرسائل شديدة الموضوعية بشأن مشكلة السد الإثيوبى التى تمثل أهم التحديات التى تواجهها الدولة المصرية فى الوقت الراهن ، وفى رأيى أن هذه الرسائل كانت فى جوهرها رسائل سلام تستند على أن مصر لاتزال تمد يدها لإنهاء هذه الأزمة بالوسائل السلمية فى إطار من التعاون المثمر مع الدول الأخرى ولكن دون أن ينفى ذلك أن خياراتنا سوف تظل مفتوحة فى حالة المساس بحقوقنا المائية .

وقد حاولت بلورة أهم الرسائل التى وجهها السيد / الرئيس خلال كلمة سيادته فى المؤتمر على النحو التالى : –

أولاً : مبادئ ثابتة

أن المساس بأمن مصر القومى يعد خطاً أحمر لن نسمح لأحد بتجاوزه.

أن النهج المصرى يتمثل فى ممارسة أقصى درجات الحكمة والإستخدام الرشيد للقوة دون المساس بدوائر أمننا القومى .

أن سياسة وممارسة السلام لايعنى المساس بمقدرات هذا الوطن .

ثانياً : المواطن المصرى

أن القيادة السياسية تتفهم القلق الذى يشعر به المواطن المصرى من جراء أزمة السد الإثيوبى وهو ما أسماه السيد / الرئيس  “القلق المشروع” إلا أن المبالغة فى هذا القلق غير مطلوبة على كافة المستويات التى تتحدث فى هذا الموضوع ( المواطن – الإعلام – الخبراء ) .

أن دولة كبيرة بحجم مصر لا يجب أن تشعر بهذا القلق خاصة وأن القيادة السياسية لديها خيارات متعددة وهى التى تقرر طبيعة الخيار الذى تسير فيه طبقاً للظروف والمواقف .

أن الشعب المصرى قام بتحميل الأمانة للسيد / الرئيس ومن ثم فإن سيادته بإذن الله قادر على صون وحماية هذه الأمانة ، ومن ثم لابد أن يبقى الجميع على قلب رجل واحد .

أن مصر تمتلك من الأدوات السياسية والعسكرية والإقتصادية ما يدعم إنفاذ إرادتها عندما تقرر ذلك .

أن البناء والتنمية والتعمير هو الأصل وما دون ذلك يعد الإستثاء ، كما أن مستقبل الشعوب لا يتم بناؤه إلا بالعمل .

ثالثاً : إثيوبيا والسودان

أن مصر لم تعارض أن تقوم إثوبيا ببناء السد من أجل التنمية وتوليد الكهرباء بل أن مصر كانت على إستعداد لمعاونة إثيوبيا لما تمتلكه من خبرات فى هذا المجال ولكن بشرط عدم المساس بحقوق مصر المائية .

** أن نهر النيل يجب أن يكون مجالاً للشراكة والتنمية وليس مجالاً للصراع والخلاف .

أن المطلب المصرى واضح أمام الجميع ويتمثل فى ضرورة التوصل لإتفاق قانونى ملزم بشأن ملئ وتشغيل السد .

رابعاً : المجتع الدولى

أن مصر حريصة على إعلاء القانون الدولى ونجحت بشكل كبير فى أن تضع هذه أزمة السد الإثيوبى على أجندة المجتمع الدولى .

أن مصر وهى تتحرك على كافة المستويات الدولية لا زالت حريصة حتى الآن على إنتهاج الإسلوب السلمى لحل هذه الأزمة .

الخلاصة أن الدولة المصرية تتحرك بقوة من أجل أن تنال مكانتها التى تستحقها بين الدول الكبرى وهذا حق دولة ذات حضارة سبعة آلاف عام ولديها الآن هذه القيادة الوطنية التى تركز أجندتها على الإنسان والعمل والجهد ، وهو ما يعنى أننا فى مرحلة بناء متواصل فى كافة المجالات ، ومن ثم علينا أن نحرص على هذا البناء وندعمه بكل أدواتنا المتاحة وذلك بالتوازى مع بناء المقدرات الشاملة للدولة للحفاظ على أمنها القومى ، وستظل مصر تضرب المثل للعالم أجمع فى العمل والإنجاز دون التفريط فى مصالحها الحيوية ، ولعلى أنهى هذا المقال بتعبير تاريخى مؤثر للسيد / الرئيس  خلال زيارة سيادته إلى باريس وفى مؤتمر صحفى مشترك مع الرئيس الفرنسى “ماكرون” يوم 7 ديسمبر 2020 حيث قال سيادته ” نحن أمة تجاهد من أجل مستقبل لشعبها فى ظروف قاسية ” .    

اللواء محمد إبراهيم الدويري
نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية

مقالات أخرى للكاتب